الدكتور يوسف منافيخي فريق فرص عمل للتمكين
معا نحو اقتصاد يُنقذ المواطن وينهض بالوطن
في زمنٍ تتشابك فيه الأزمات الاقتصادية مع يوميات المواطن السوري، لم يعد الحديث عن “حلول نظرية” مجديًا، بل بات من الضروري أن نتحرك بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد ينبع من الداخل ويخدم الداخل. اقتصاد يضع المال في جيب المواطن لا عبر الوعود، بل من خلال عمل حقيقي، وإنتاج فعلي، وخطة واضحة تبدأ من أصغر ورشة وتنتهي بتشغيل المصانع ودفع عجلة السوق.
نحن لا نبحث عن المعجزات، بل عن خطة ممكنة، قابلة للتنفيذ، تستثمر الإنسان السوري قبل أي شيء آخر. ورشةٌ بسيطة، فكرةٌ منزلية، قطعة أرض، مصنع متوقف… كل هذه ليست عبئًا، بل فرص تنتظر من يحرّكها بعقل وإرادة.
ما بين أيدينا اليوم هو خارطة تنفيذية اقتصادية من خمس خطوات، وُضعت بعينٍ خبيرة على الواقع، لا تستند إلى التنظير، بل إلى أمثلة حقيقية يمكن تطبيقها في أي حيّ، أي قرية، وأي محافظة.
إذا أردنا وطنًا معافى، فلنبدأ من المواطن العامل…
وإذا أردنا أن نضع المال في جيبه، فلنضع الخطة في أيدينا ونعمل بها.
المحتوى:
أولًا: تمكين الخلية الإنتاجية الصغيرة (الورشة، الأسرة، الحرفة)
ثانيًا: تشغيل المصانع وتحفيز الصناعة الوطنية
ثالثًا: توسيع الطلب الداخلي وتشجيع الاستهلاك المحلي
رابعًا: التحول نحو اقتصاد إنتاجي بدلًا من ريعي
خامسًا: إشراك السوريين في الخارج
سادسًا: تمكين التعليم المهني والابتكار
خارطة تنفيذية عملية لتحفيز الاقتصاد السوري وتحسين دخل المواطن
🔶 الخطوة 1: تنشيط الخلية الإنتاجية الصغيرة (الأسرة، الورشة، الحرفي)
🔶 الخطوة 2: تشغيل المصانع الصغيرة والمتوسطة المتوقفة
🔶 الخطوة 3: بناء نظام تسويق داخلي ذكي للمنتج السوري
🔶 الخطوة 4: تمكين الزراعة والصناعة الغذائية لتأمين الأمن الغذائي وفرص العمل
🔶 الخطوة 5: إشراك السوريين في الخارج في العملية الإنتاجية
وضع تصورًا عمليًا ومتكاملًا لتمكين العملية الإنتاجية في سوريا من أصغر ورشة حتى أكبر مصنع، مع التركيز على “وضع الأموال في جيب المواطن”، أي تحسين الدخل والمعيشة اليومية. سأقسم لك الإجابة إلى عدة محاور عملية:

أولًا: تمكين الخلية الإنتاجية الصغيرة (الورشة، الأسرة، الحرفة)
🔹 1. دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر
تمويل صغير بفوائد رمزية أو صفرية: من خلال صناديق وطنية أو بالتعاون مع منظمات دولية.
دورات تدريبية عملية: في الحرف، التسويق، الإدارة، لتأهيل أصحاب الورش والعائلات المنتجة.
تشجيع الصناعات المنزلية: مثل الخياطة، الصناعات الغذائية، الصابون، الأعمال اليدوية…
منصات تسويق رقمية محلية: تربط المنتج بالمستهلك مباشرة لتوفير تكاليف الوسيط.
🔹 2. تبسيط الإجراءات
تقليل التراخيص والضرائب المرهقة على الورش الصغيرة.
إصدار “رخصة إنتاج منزلي” لتقنين العمل داخل البيوت بدلًا من محاربته.
ثانيًا: تشغيل المصانع وتحفيز الصناعة الوطنية
🔹 3. إعفاءات وتحفيزات ضريبية
إعفاء المصانع المنتجة محليًا من الجمارك والضرائب على المواد الأولية.
تقديم تسهيلات للطاقة (كهرباء/مازوت/غاز صناعي) للمصانع التي تعيد التوظيف والإنتاج.
🔹 4. تمويل وتشغيل المصانع المتوقفة
تأسيس صندوق خاص لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة عبر شراكة بين الدولة والمغتربين أو مستثمرين محليين.
حوافز لمن يشغّل عمالة محلية (مثلاً: إعفاء ضريبي عن كل عامل سوري يعمل لديه).
ثالثًا: توسيع الطلب الداخلي وتشجيع الاستهلاك المحلي
🔹 5. دعم القوة الشرائية للمواطن
رفع الرواتب تدريجيًا بالتوازي مع الإنتاج.
بطاقات دعم ذكي للمنتجات السورية فقط (منصة رقمية لشراء غذاء ودواء محلي بسعر أقل).
🔹 6. منع الإغراق الأجنبي
فرض ضرائب أو قيود على المنتجات المستوردة التي تضرب الإنتاج المحلي، خاصة في القطاعات التي يوجد بها بديل سوري.
رابعًا: التحول نحو اقتصاد إنتاجي بدلًا من ريعي
🔹 7. التوجه نحو الزراعة والصناعة بدلًا من المضاربة
تشجيع الاستثمار في الصناعات الزراعية التحويلية (تعليب، عصائر، أجبان…).
تشجيع زراعة المحاصيل ذات القيمة العالية للتصدير (مثل الزعفران، الأعشاب الطبية، الزيتون…).
خامسًا: إشراك السوريين في الخارج
🔹 8. جذب التحويلات والاستثمارات
فتح حسابات استثمارية آمنة للسوريين في الخارج للمساهمة في مشاريع إنتاجية محلية.
تقديم تسهيلات قانونية وضريبية للمغترب الذي يريد فتح ورشة أو مصنع في سوريا.
سادسًا: تمكين التعليم المهني والابتكار
🔹 9. ربط التعليم بسوق العمل
إعادة تأهيل المعاهد المهنية لتخريج عمال وتقنيين يحتاجهم السوق.
دعم مشاريع تخرّج واقعية قابلة للتنفيذ في مجال الزراعة والصناعة.
خلاصة:
إذا أردنا وضع المال في جيب المواطن السوري، فالطريق الحقيقي هو:
إنتاج محلي + تشغيل محلي + تسويق محلي + استهلاك محلي+ تصدير خارجي =
اقتصاد قوي مستقل
ويتحقق ذلك عبر:
دعم الورشة الصغيرة (الخلايا الإنتاجية).
تشغيل المصانع.
دعم الزراعة والصناعة.
تبسيط القوانين.
تقوية الطلب الداخلي.
جذب دعم السوريين في الخارج.
🔵 خارطة تنفيذية عملية لتحفيز الاقتصاد السوري وتحسين دخل المواطن
تتكوم من خمس خطوات قابلة للتطبيق على أرض الواقع السوري، تبدأ من القاعدة (الورشات الصغيرة) وتُبنى صعودًا حتى تنشيط كامل الاقتصاد الوطني.
✅ الهدف الرئيسي:
“وضع المال في جيب المواطن السوري من خلال تمكين القاعدة الإنتاجية المحلية على كل المستويات”.
🔶 الخطوة 1: تنشيط الخلية الإنتاجية الصغيرة (الأسرة، الورشة، الحرفي)
🎯 الهدف:
تحفيز الأسر وورشات الأحياء للعمل والإنتاج وتحويلها إلى مصدر دخل مستقر.
📌 الإجراءات:
تأسيس صندوق دعم المشاريع الصغيرة في كل محافظة، برأسمال بسيط (مثلاً من الدولة أو منظمات أو شراكات مع المغتربين).
تقديم قروض صغيرة بدون فائدة (قرض بـ500 ألف – 3 مليون ليرة) للعائلات لشراء معدات أو مواد أولية.
دورات سريعة من قبل “مركز تدريب مهني متنقل” للمهارات المطلوبة (خياطة، حدادة، صناعة غذائية، صيانة أجهزة…).
🛠 أمثلة واقعية:
دعم عائلة لتأسيس مشروع تصنيع مربيات منزلية أو مخللات وبيعها في السوق المحلي أو عبر صفحات الفيسبوك.
تمويل شاب لفتح ورشة تصليح دراجات كهربائية، مع دورة صيانة لمدة أسبوعين.
دعم مشروع خياطة ألبسة مدرسية في أحد الأحياء.
🔶 الخطوة 2: تشغيل المصانع الصغيرة والمتوسطة المتوقفة
🎯 الهدف:
إعادة الحياة للقطاع الصناعي المحلي وخلق فرص عمل كبيرة.
📌 الإجراءات:
حصر المصانع المتوقفة (جزئيًا أو كليًا) وتقديم عرض للدعم (كهرباء صناعية، إعفاءات ضريبية، تمويل جزئي لإعادة التشغيل).
تقديم قروض تشغيل منخفضة الفائدة أو منح جزئية مقابل تشغيل عدد معين من العمال.
تسهيل الاستيراد للمواد الخام فقط، وليس للمنتج النهائي.
🛠 أمثلة واقعية:
إعادة تشغيل معمل بلاستيك متوقف منذ 2013، بتوفير الكهرباء والمازوت بسعر تشجيعي، مقابل توظيف 20 عاملًا.
تشغيل مصنع ألبسة كان متوقفًا مع ضمان بيع المنتج في الأسواق المحلية.
🔶 الخطوة 3: بناء نظام تسويق داخلي ذكي للمنتج السوري
🎯 الهدف:
ضمان بيع المنتج المحلي وتشجيع الناس على شرائه.
📌 الإجراءات:
إنشاء منصة إلكترونية سورية (تطبيق وموقع) لعرض وبيع المنتجات المحلية من الورش والمصانع.
مراكز بيع في كل محافظة (أسواق المنتجين السوريين).
بطاقات دعم غذائي رقمي تُستخدم فقط لشراء منتجات سورية.
🛠 أمثلة واقعية:
تطبيق “منتج سوري” يُستخدم لشراء الخبز، الجبن، العصير المنتج محليًا بأسعار أرخص بـ15%.
إقامة مهرجان شهري في كل محافظة لعرض منتجات الورش والأسر المنتجة.
🔶 الخطوة 4: تمكين الزراعة والصناعة الغذائية لتأمين الأمن الغذائي وفرص العمل
🎯 الهدف:
تحقيق الاكتفاء الغذائي وزيادة الدخل الريفي.
📌 الإجراءات:
دعم الفلاحين الصغار بالبذار، السماد، شبكات ري بسيطة.
تشجيع الصناعات الزراعية الصغيرة (مونة، أجبان، ألبان، معلبات).
إنشاء مراكز تجميع وتوضيب وتعبئة للمنتجات الزراعية.
🛠 أمثلة واقعية:
دعم قرية كاملة لإنتاج “مكدوس معبأ” وتوزيعه على محلات دمشق.
زراعة الزعفران في ريف حماة أو السويداء، وتصديره كمنتج عالي القيمة.
تصنيع عصائر طبيعية في معامل صغيرة بريف طرطوس.
🔶 الخطوة 5: إشراك السوريين في الخارج في العملية الإنتاجية
🎯 الهدف:
تحويل التحويلات الخارجية إلى استثمار إنتاجي وليس مجرد إنفاق استهلاكي.
📌 الإجراءات:
إنشاء بوابة إلكترونية للمغتربين للمشاركة بأسهم صغيرة (100 – 500 دولار) في مشاريع إنتاجية.
إعفاء استثماري لكل مغترب يشغّل مشروعًا في سوريا لمدة 3 سنوات من الضرائب.
برامج “رعاية مشروع”: مغترب يتكفل بدعم مشروع في قريته أو مدينته.
🛠 أمثلة واقعية:
مغترب في ألمانيا يرعى إنشاء ورشة نجارة حديثة في حمص.
إطلاق صندوق استثماري للمغتربين لدعم 50 مشروع غذائي صغير في حلب.

✅ الخلاصة:
التسلسل المرحلة النتيجة المرجوة
- دعم الورش والعائلات المنتجة– دخل سريع للعائلة + خلق طبقة منتجة
- تشغيل المصانع – توظيف واسع + منتج محلي بديل للمستورد
- تسويق ذكي – تصريف المنتج + دعم السوق المحلي
- دعم الزراعة والصناعة الغذائية– أمن غذائي + فرص عمل ريفية
- إشراك المغتربين – سيولة مالية + مشاريع تمويل ذاتي
الخاتمة: حين نضع المال في جيب المواطن… يتحرك الاقتصاد بأكمله
إن تمكين المواطن السوري اقتصاديًا ليس مجرد هدف اجتماعي، بل هو حجر الأساس في أي نهضة اقتصادية وطنية حقيقية.
فعندما ننجح في وضع المال في جيب المواطن من خلال العمل والإنتاج، فإننا نطلق سلسلة مترابطة من التأثيرات الإيجابية الواقعية:
✅ 1. زيادة الإنفاق المحلي
كل ليرة إضافية يحصل عليها المواطن، يعود جزء كبير منها إلى السوق المحلي عبر الشراء من محالّ، ورش، أسواق… مما يعني تحريك عجلة الطلب الداخلي.
✅ 2. تنشيط الورش والمهن الصغيرة
ارتفاع الطلب على المنتجات والخدمات المحلية يُعيد تشغيل الورش والحرف، ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، من النقل وحتى البيع بالتجزئة.
✅ 3. دوران رأس المال محليًا
بدلًا من أن تُنزف الأموال في استيراد منتجات أجنبية، تبقى الأموال داخل البلاد، فتُعاد استثمارها وتوظيفها في مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة.
✅ 4. تحفيز المصانع وتشغيل العمال
عندما يتعافى السوق المحلي، تعود المصانع للعمل لتلبية الطلب، فيُعاد تشغيل خطوط الإنتاج، ويُوظف مئات العمال الذين يعودون بدورهم لينفقوا… وهكذا تدور العجلة.
✅ 5. تحسّن الثقة العامة والاستقرار
كل تحسن اقتصادي ملموس في حياة الناس اليومية يخلق ثقة أكبر بالمستقبل، ويُخفض من التوتر الاجتماعي، ويزيد من انتماء الناس للإنتاج والبناء بدلًا من الهجرة أو الركود.
🟢 النتيجة:
إذا أردنا أن نُقلّع باقتصادنا نحو التعافي،
فالبداية ليست من القمة، بل من جيب المواطن العامل.
ضع المال في يده، وسيتحول من مستهلك قلق إلى منتج فاعل،
ومن عبء على الدولة إلى محرّكٍ لعجلة الاقتصاد الوطني.